يشرف الدكتور سعود عبد العزيز عبد الغني، أستاذ مشارك في كلية الهندسة بجامعة قطر، على فريق العمل الذي يعكف على تطوير تقنية التبريد المستخدمة في استادات بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر ٢٠٢٢، منذ إعلان قطر عام ٢٠٠٩ عن ملف استضافة هذا الحدث الرياضي الأبرز في العالم.
وتولّى الدكتور عبد الغني قيادة فريق عمل تقنية التبريد في استاد خليفة الدولي، وذلك أثناء خضوع الاستاد لعمليات تطوير شاملة قبل افتتاحه عام ٢٠١٧.
وفي السطور التالية، يوضح لنا الدكتور عبد الغني آلية عمل تقنية التبريد في استاد الوكرة المقرر افتتاحه في ١٦ مايو الجاري تزامناً مع استضافته نهائي كأس الأمير ٢٠١٩. كما يستعرض الدكتور عبد الغني رحلة تطوير هذه التقنية المبتكرة خلال العامين الماضيين، وكيف ستعود بالنفع على صحة سكان قطر لأعوام قادمة.
وفي هذا السياق، كان للجنة العليا مع الدكتور سعود الحوار التالي:
كيف ستعمل تقنية التبريد في استاد الوكرة؟
تستفيد تقنية التبريد من شكل بناء الاستاد في الحد من تغلغل الرياح الحارة إلى داخله، ما يعني أن شكل الاستاد يمثل جداراً عازلاً داخله منطقة باردة. وتعمل تقنية التبريد المتطورة بشكل رئيسي على المحافظة على برودة المنطقة الداخلية متى دعت الحاجة لذلك، بحيث ينعم المشجعون واللاعبون بأجواء مريحة خلال المباريات.
فيما تختلف تقنية التبريد المستخدمة في استاد الوكرة عن تلك المزوّد بها استاد خليفة الدولي؟
كل استاد له هويته ومميزاته الخاصة، فاستاد خليفه الدولي هو استاد عريق يتميز بأنه مؤهل بمضمار سباق ومساحات أخرى لألعاب القوى كرمي القرص، مما جعل الاستاد يتميز بفتحة سقف ضخمة تتطلب معالجة غير تقليدية لتبريد الهواء فيه.
ومن تحديات تأهيل استاد خليفة الدولي هو محاولة الاستفادة من المساحات المتاحة لتوظيف كافة تقنيات التبريد المطلوبة، نظراً لأنه مشيّد منذ فترة طويلة. فعلى سبيل المثال، لم نتمكن من تركيب مخارج هواء أسفل مقاعد المشجعين لمحدودية المساحة المتاحة، لكن استخدمنا عوضاً عن ذلك فوهات صغيرة تسمح بخروج القدر ذاته من الهواء البارد، ليستمتع الجمهور بالمباريات في أجواء مريحة. ولتقليل كمية الطاقة المستخدمة في عملية التبريد، يستخدم استاد الوكرة تقنية تعرف بتدوير الهواء، حيث يتم سحب قدر معين من الهواء الذي جرى تبريده بالفعل، ليعاد تبريده مرة أخرى قبل دفعه مجدداً إلى الخارج. أما في استاد خليفة، فيتم تبريد الهواء النقي ثم دفعه عبر مخارج خاصة لتلطيف أجواء الاستاد. ولهذا السبب، تعد تقنية التبريد المستخدمة في استاد الوكرة أكثر كفاءة عن تلك المزوّد بها استاد خليفة الدولي. علاوة على ذلك، تم تطوير خط جديد من مخارج الهواء الموجودة تحت مقاعد الجماهير لتوصيل الهواء المبرد للمتفرج بطريقة لطيفة.
سيستمتع الحضور بتقنية التبريد في استاد الوكرة للمرة الأولى في ١٦ مايو الجاري، ما هو شعورك اتجاه تحقيق هذا الإنجاز؟
أجرينا مؤخراً اختباراً تجريبياً لتقييم مستوى فاعلية تقنية التبريد في الاستاد، ولا يمكنني أن أصف سعادتي وقتها، فقد عملنا بكل جد لتنفيذ هذا المشروع. وما زلت أذكر كيف كان الاستاد مجرد نموذج صغير مصنوع من البلاستيك إلى أن صار اليوم صرحاً رياضياً فريداً. لقد أمضينا ساعات طويلة في نفق الهواء بجامعة قطر، والكثير من الوقت في المختبر بهدف تحقيق أقصى استفادة ممكنة من فتحة السقف وارتفاع الاستاد. والآن نجحنا في تفعيل تقنية التبريد بعد أن كانت مجرد خطة على الورق. إن هذا الإنجاز يجسد جهود كافة أفراد فريق العمل.
ماذا عن بقية استادات بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر ٢٠٢٢، هل ستستخدم تقنية التبريد كما هو الحال في استاد الوكرة؟
أتيحت لنا فرصة المشاركة في المراحل الأولى من تصميم الاستادات الأخرى والاستفادة من خبرة المتخصصين في كل مشروع لتطوير هذه التقنية. ونتطلع إلى أن ينعم الجميع بثمرة جهودنا، وأن يلمسوا فوائد هذه التقنية المتطورة عند حضورهم مباريات بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر ٢٠٢٢. إن إدراج تقنية التبريد لم تقتصر على الجوانب الهندسية فحسب، بل إنها نتاج التزام فريق العمل الذي تكاتفت جهوده لتحقيق هذا الهدف.
الجدير بالذكر بأن المجموعة البحثية للتبريد بجامعة قطر قد مُولت من قبل مؤسسة أسباير زون، واللجنة العليا للمشاريع والإرث، والصندوق القطري لرعاية البحث العلمي.
كيف ترى مستقبل تقنية التبريد في قطر؟
تعد الرياضة و فعاليات الأماكن المفتوحة من أهم السبل لإنتاج جيل صحي قادر على دفع عجلة التطور في البلاد. وقد بدأت دولة قطر بالفعل في استخدام تقنية التبريد في بعض الأماكن العامة. فإذا ذهبت اليوم إلى كتارا بلازا، ستجد أن الطرقات هناك مكيّفة، وقد بدأنا بالفعل في دراسة تبريد مسارات المشي في أنحاء البلاد بطريقة علمية صديقة للبيئة بحيث لا تضع أي ضغط على شبكة الكهرباء و الماء بالدولة، وهو ما سيشجع الأفراد على ارتياد الأماكن المفتوحة، وممارسة رياضة المشي خلال أشهر الصيف، والاستفادة الكاملة من مشاريع المترو و أسواق الفرجان. ونتطلع إلى أن يسهم ذلك في تحسين صحة الأفراد، ومن ثم الإسهام في خفض ما تنفقه الدولة على علاج المصابين بأمراض العصر كالسكري وارتفاع ضغط الدم.