في زيارة قام بها مؤخراً لمقر اللجنة العليا للمشاريع والإرث في الدوحة، أشاد جورج أوزبورن، وزير المالية البريطاني الأسبق والذي شهد أثناء منصبه عمليات تخطيط وإعداد وتقديم الإرث الخاص بدورة الألعاب الأولمبية الصيفية لندن ٢٠١٢، بنهج دولة قطر في التخطيط ليس لبطولة كأس العالم لكرة القدم عام ٢٠٢٢ فحسب، وإنما لما بعد ذلك بعقود طويلة.
وخلال عمله بمنصب وزير المالية في الفترة من ٢٠١٠ وحتى ٢٠١٦، تولّى أوزبورن مسؤولية الإدارة المالية للمملكة المتحدة، بما في ذلك إدارة ميزانية دورة الألعاب الأولمبية الصيفية عام ٢٠١٢ والتي تقدر بحوالي ٩ مليار جنيه استرليني – ما يعادل ٤ مليار ريال قطري-. كما عُني أوزبورن باعتماد خطة تطوير ما بعد البطولة والتي تعود بالنفع على المجتمعات المحيطة بملاعب دورة الألعاب وتترك إرثاً دائماً تستفيد من الأجيال بعد انتهاء البطولة.
وفي تعليقها على الزيارة، أشارت مديرة الاتصال باللجنة العليا للمشاريع والإرث، فاطمة النعيمي، إلى أهمية تبادل الخبرات مع الخبراء والمتخصصين في مجال تنظيم البطولات الرياضية الكبرى مثل جورج أوزبورن.
وأضافت النعيمي قائلة: "لطالما أشرنا منذ الأيام الأولى من فوزنا بحق استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر ٢٠٢٢ إلى الإرث الدائم الذي ستتركه البطولة لدولة قطر والمنطقة والعالم أجمع. ونسعى من خلال إطلاق برامج ومبادرات إرث كتحدي ٢٢ والجيل المبهر وغيرهما إلى تحقيق هذه الغاية. لذا كان من المذهل أن نستمع من السيد أوزبورن عن ما يمكن أن تتركه الفعاليات الرياضية الكبرى من إرث في المجال الاقتصادي والاجتماعي والرياضي للمجتمع والدولة. لقد خلّفت دورة الألعاب الأولومبية في لندن عام ٢٠١٢ قصة نجاح عظيمة، ويُسعدنا الترحيب بالسيد أوزبورن مرة أخرى في قطر في القريب العاجل لننهل من خبراته ومعارفه القيمة".
وعن رأيه في تحضيرات قطر لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم عام ٢٠٢٢، قال أوزبورن: "أرى بأن التخطيط اللازم لإتمام تحضيرات استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر مذهل للغاية. ندرك جميعاً التحديات التي تواجه دولة قطر، لكن هذه التحديات تتزامن مع وجود كثير من الفرص أيضاً".
وأضاف أوزبورن قائلاً: "إن الاستادات الجديدة مذهلة جداً. وكما الحال في أية بطولة لكأس العالم، هناك العديد من التساؤلات التي تُطرح أثناء المضي قدماً لاستضافة البطولة. وبالنظر إلى إنجازات قطر في هذا الصدد، أعتقد بأن قطر ستتجاوب مع هذه التساؤلات بفعالية كبيرة".
وخلال زيارته لمقر اللجنة العليا في برج البدع، زار أوزبورن جناح الإرث الذي يستعرض تاريخ دولة قطر وإنجازاتها في مجال صناعة رياضة كرة القدم. وجرى خلال الزيارة تعريف أوزبورن بكافة الخطط التفصيلية لبرامج ومبادرات الإرث في قطر والمنطقة، كبرنامج الجيل المبهر، ومسابقة تحدي ٢٢، والتواصل المجتمعي، وقسم رعاية العمال وغيرها.
وبعد جولته في جناح الإرث واستناداً إلى تجربته في ٢٠١٢، أشار أوزبورن إلى الدور الهام الذي يمكن أن تلعبه الفعاليات الرياضية الكبرى في أي مجتمع أو مدينة أو دولة، إذ قال: "عملتُ وزيراً للمالية في بريطانيا أثناء استضافة المملكة المتحدة لدورة الألعاب الأولومبية عام ٢٠١٢، وكانت تلك إحدى أفضل البطولات الرياضية وأكثرها إثارة على الإطلاق، وأعتقد بأننا قمنا بعملنا على أكمل وجه. وأرى بأننا وفريق العمل الذي عمل لسنوات حققنا تميزاً ملحوظاً فيما يتعلق بجانب الإرث. وعند زيارتك اليوم للحديقة الأولومبية في لندن حتى بعد مضي سنوات على البطولة، ستجد بأنها مجتمع مفعم بالحيوية، وهو ما يعكس بوضوح الإرث الذي عملنا بجد على تركه بعد انتهاء دورة الألعاب".
ناقشت فاطمة النعيمي، مديرة الاتصال في اللجنة العليا، خطط الإرث مع جورج أوزبورن
وعن رؤية دولة قطر في مجال الإرث، قال أوزبورن: "أستطيع القول بأن دولة قطر تولي اهتماماً بما بعد انتهاء بطولة كأس العالم عام ٢٠٢٢، إذ تتجه جهودها للتأكيد على أن لا تكون الاستادات منشآت لا فائدة منها. فعلى سبيل المثال، أرى بأن إمكانية تخفيض الطاقة الاستيعابية للاستادات وبناء مرفقات تعود بالنفع على المجتمعات المحلية هو أمر هام للغاية. وينبغي التفكير بما بعد البطولة حتى قبل ركل الكرة الأولى في مباريات كأس العالم".
وقد تناولت الزيارة التركيز على الجهود التعاونية التي تبذلها المجتمعات المحلية في قطر لإعداد وتخطيط وتطوير المناطق المحيطة بكل استاد. فخلال مرحلة الاستشارات، تواصلت إدارة التواصل المجتمعي في اللجنة العليا بشكل فعال مع المجتمعات المحلية للتعرف على توقعات الأفراد وتطلعاتهم فيما يخص الاستادات الجديدة لتكون بعد انتهاء البطولة مرافق تعليمية أو صحية أو ترفيهية.
جورج أوزبورن يقول بأن دورة الألعاب الأولمبية لندن ٢٠١٢ (في الصورة) تركت إرثاً مستداماً في المملكة المتحدة
وفي هذا الصدد، أشار أوزبورن إلى جانب هام آخر يعكس نجاح دورة الألعاب الأولومبية عام ٢٠١٢ إذ قال: "كان العمل مع المجتمعات المحلية في شرق لندن أمراً هاماً للغاية. فقد استقطبت البطولة مشجعين وزوار ووسائل إعلام من كافة أنحاء العالم، إلاّ أنهم غادروا بعد انتهاء البطولة ولم يبق إلاّ سكان المدينة الذين شعروا بالفخر والاعتزاز بالإنجاز الذي تمّ تحقيقه في مدينتهم، وسُعدوا باعتبارهم عنصراً فعالاً وهاماً في تنظيم البطولة".
وأضاف أوزبورن قائلاً: "كان من المذهل أن يقابل سكان مدينة لندن أفراداً قدموا إلى مدينتهم لحضور دورة الألعاب الأولومبية. ولعلّ لحظة فوز محمد فرح، بطل ألعاب القوى الصومالي البريطاني، بالميدالية الذهبية لم ترسخ في أذهان الزوار كما رسخت لحظة تواصل الزوار مع المتطوعين من لندن والمجتمعات المحلية فيها، إذ شعر المتطوعون بفخر لا مثيل له نظير الإنجاز الذي حققته مدينتهم أمام العالم أجمع. وسيكون من الرائع أن تتكرر هذه التجربة في قطر. وأتمنى حظاً طيباً لدولة قطر في رحلتها نحو استضافة بطولة كأس العالم عام ٢٠٢٢".