اتخذت اللجنة العليا للمشاريع والإرث خطوة جديدة في سبيل تعزيز التعاون الدولي في مجال سلامة وأمن الأحداث الرياضية الكبرى، ولا سيما بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر ٢٠٢٢، وذلك من خلال استضافة مؤتمر يمتد لثلاثة أيام لمجموعة خبراء السلامة والأمن في مجال الرياضة.
وكانت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الانتربول)، التي تعتبر أكبر منظمة دولية للشرطة بعضوية ١٩٠ دولة، قد أطلقت "مشروع استاديا" سنة ٢٠١٢ بهدف وضع خطة تمتدّ لعشر سنوات فيما يتعلق بتوفير الترتيبات الأمنية والشرَطية لبطولة كأس العالم سنة ٢٠٢٢ وترك إرث مستدام تستفيد منه أجهزة إنفاذ القانون.
وهذا هو المؤتمر السنوي الثاني لمجموعة الخبراء في إطار "مشروع استاديا" والذي يتمحور حول موضوعات التشريعات والأمن المادي والأمن الإلكتروني. وشهد جلسات المؤتمر متابعة النقاش بخصوص الأبحاث والتحليلات والنقاشات التي كانت قد بدأت في المؤتمر الأول الذي استضافته الدوحة أيضاً في يونيو/حزيران ٢٠١٥.
ضمّ الحضور مسؤولين من أجهزة إنفاذ القانون ولجان تنظيم الفعاليات والبطولات والحكومة والقطاع الخاص، وكذلك خبراء أكاديميين وممثلين عن المجتمع المدني. وفي كلمته أمام المشاركين، أشار العقيد محمدالسليطي المدير التنفيذي للإدارة الأمنية باللجنة العليا للمشاريع والإرث إلى أن هذا المؤتمر يعزز التعاون الدولي في سبيل جعل البطولات الرياضية الكبرى تتحول إلى تجربة ممتعة للجماهير دون خطر اندلاع أعمال شغب أو عنف.
وقال السليطي: "تواجدنا هنا يعكس قناعتنا المشتركة بتعزيز التعاون الأمني الدولي في فترة تشهد تزايد النزاعات الإقليمية والعالمية وتعاظم التهديدات الأمنية العابرة للحدود والقارات. المخاطر الأمنية التي ترافق الفعاليات الضخمة تمثّل واحدة من أبرز التحديات التي تحاول الدول المستضيفة تجاوزها. نحن بحاجة إلى أكثر من جهود الدولة وأجهزتها الأمنية. يتطلّب الأمر تعاوناً دولياً في مجال تبادل المعلومات ووضع قواعد بيانات، وهو ما يسمح بإدارة الحشود وتنظيمها بطريقة لا تعيق سير كأس العالم أو تؤثر على تجربة الزوار والجماهير".
وفي حديثه خلال المؤتمر، أشار النقيب علي محمد العلي، مساعد مدير الإدارة الأمنية باللجنة العليا للمشاريع والإرث، إلى أن دولة قطر عملت خلال السنوات الست الماضية منذ الفوز بشرف استضافة البطولة في عام ٢٠١٠ على دراسة تجارب الدول المستضيفة لعدد من البطولات الرياضية. إذ قال في هذا الصدد: "كانت الوفود القطرية حاضرة من خلال برنامج الرصد والمراقبة في كأس العالم لكرة القدم عام ٢٠١٤ في البرازيل وفي كأس الأمم الأوروبية ٢٠١٦ وغيرها من الأحداث الرياضية، كما أتيحت لنا فرصة الاحتكاك بخبراء عالميين في مجال الأمن الرياضي واستفدنا من دراسات الحالة لبعض الدول المستضيفة للبطولات الرياضية".
أما النقيب فلاح عبد الله الدوسري، مدير عام مشروع استاديا، فقد خاطب الحضور قائلاً: "من المشجع جداً أن نرى مشاركة من مختلف القارات، بما في ذلك الأمريكيتين وآسيا وأوروبا والشرق الأوسط، وهو ما يجعلني على ثقة بالنتائج الطيبة التي ستتحقق على مدى اليومين القادمين حيث سيركز الاجتماع على ثلاثة مواضيع هامة هي التخطيط للفعاليات الرياضية الكبرى، والأدوار والمسؤوليات، وهيكل القيادة والسيطرة".
وـأضاف مدير عام مشروع استاديا قائلا أن الهدف الرئيسي للمشروع هو دعم أجهزة انفاذ القانون في العالم وتقديم خدمات أمنية مميزة في الفعاليات والأحداث الكبرى
وبالنظر إلى أن دولة قطر ستحظى باستضافة ثاني نسخة آسيوية من بطولة كأس العالم لكرة القدم، فقد أعرب المشاركون في المؤتمر من الصين وسنغافورة لموقع اللجنة العليا www.sc.qa عن أن عاملي الأمن والسلامة في قطر سيمثلان عاملاً جوهرياً بالنسبة لجماهير المستديرة الساحرة في هذين البلدين للاستمتاع بأول نسخة من البطولة تحلّ على الشرق الأوسط.
في هذا الصدد، قال السيد ويي لي تاي، مساعد مدير العمليات في إدارة أمن الفعاليات التابعة لجهاز شرطة سنغافورة: "تحضيرات قطر لكأس العالم تمضي بشكل مذهل حتى الآن، حيث تبدي الدولة جاهزيتها لتسخير مواردها لقطاع الأمن وتعزيز بنيتها التحتية منذ وقت مبكر من الاستعدادات، وهو ما يمثل نموذجاً ممتازاً بالنسبة لدول أخرى، ومنها سنغافورة".
وأردف تاي، الذي لعب دوراً رائداً في التخطيط لدورة ألعاب جنوب شرق آسيا سنة ٢٠١٥ ودورة الألعاب الأولمبية للشباب سنة ٢٠١٠ اللتين استضافتهما سنغافورة: "هناك العديد من نقاط التشابه بين سنغافورة وقطر، ويرتبط شعبا البلدين بعلاقات متينة. وندرك أن قطر معزولة عن المناخ الجيوسياسي الأمني السائد في منطقة الشرق الأوسط".
وأضاف قائلاً: "يتوجب على قطر أن تستمر بالعمل الجيد الذي تقوم به فيما يتعلق بحماية الحدود، وبعث رسائل إيجابية فيما يتعلق بهذا لسنغافورة وأرجاء آسيا. جمهور كرة القدم في سنغافورة على ثقة من أن قطر ستستضيف نسخة من كأس العالم تتوجه لعائلة وتخلو من أعمال الشغب الكروية، التي تعتبر من سمات البطولات الكروية الكبيرة في أوروبا".
أما السيد تشينغ هونغ، نائب مدير قسم أمن وسلامة الأحداث الكبرى في وزارة الأمن العام الصينية، فقد أشاد بالمؤتمر على ما يوفره من معلومات هامة سواء في مجال أبحاث أو التحليل: "الجانب الأهم من المؤتمر بالنسبة لي هو النقاش المعمق حول الأنماط المختلفة للإجراءات الأمنية المتخذة في البطولات الكبيرة. تطبق الصين حالياً نموذجاً وضعته الحكومة، ولكنها تتطلع لاستبداله بنموذج بديل يمنح المشرفين على الملاعب ومنظمي الفعاليات قدرة أكبر على السيطرة والتحكم. ولهذا، كانت النقاشات (في المؤتمر) منتجة للغاية".
وأردف هونغ، الذي اضطلع كذلك بدور محوري في مجال الأمن في دورة الألعاب الأولمبية للشباب سنة ٢٠١٤، بأن الانطباع العام في بلاده هو أن قطر هي مكان آمن يمكن زيارته خلال البطولة: "ستشعر جماهير كرة القدم الصينية بالأمن والسلامة خلال منافسات كأس العالم .