يعد استاد المدينة التعليمية ثالث استادات بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™ التي تعلنُ اللجنة العليا للمشاريع والإرث عن جاهزيتها.
يحدثنا سعادة السيد حسن الذوادي، الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث، في السطور التالية عن استاد المدينة التعليمية، وقوة مونديال قطر 2022، والاستعدادات الجارية لاستضافة أول نسخة من المونديال في الشرق الأوسط والعالم العربي.
إلى أي مدى تشعر بالفخر بجاهزية ثالث استادات بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™؟
نشعر ببالغ الفخر بعد اكتمال أحدث استاداتنا، فخططنا تسير وفق الجدول المحدد لها رغم الأزمة التي يشهدها العالم. أصبح استاد المدينة التعليمية ثالث استادات البطولة التي نُعلن عن جاهزيتها بعد استاد خليفة الدولي، واستاد الجنوب، ونخطط للإعلان عن جاهزية استادين آخرين بحلول نهاية هذا العام.
أؤمن بأن الأزمة الراهنة أكسبَت مونديال قطر 2022 أهمية مضاعفة. فالرياضة، ولاسيّما كرة القدم، ستكون الوسيلة التي ستجمع الناس معاً في عالم ما بعد أزمة كورونا المستجد. وبما أننا البلد المستضيف للنسخة المقبلة من المونديال، فإن الإعلان عن جاهزية استاد جديد من استادات البطولة سيساعد في رفع الروح المعنوية، وسيضع أمامنا جميعاً هدفاً نتطلع إلى تحقيقه.
أما الاستاد نفسه، فهو رائع إلى أبعد حد، ولا شك أنه سيحظى بإعجاب المشجعين واللاعبين، فهو استاد مثالي لرياضة كرة القدم، إذ سيخلق أجواءً مذهلة بفضل مقاعده التي تكاد تلامس أرضية الاستاد. أتطلع بشغف إلى رؤية الاستاد وهو يستضيف مباراة يحضرها 40 ألف مشجّع.
إلى أي حد ستشكل البطولات الكبرى، مثل المونديال، أهمية في التقريب بين الناس بعد انتهاء أزمة كورونا المستجد؟
يشير الوضع الحالي إلى أن تجمّع الناس خلال بطولة قطر 2022 سيكون واحداً من بين أكبر التجمعات العالمية في عصر ما بعد أزمة كورونا المستجد. وسيصاحب ذلك تحديات بلا شك، ولكنه سيتيح لنا في الوقت نفسه فرصة مذهلة لتوحيد العالم من خلال حماسنا المشترك لكرة القدم.
تمتاز بطولة قطر 2022 بأنها النسخة الأولى من المونديال في الشرق الأوسط والعالم العربي، والثانية في قارة آسيا. وتزداد أهمية البطولة في ظل الأزمة الراهنة، إذ ستمثل فرصة جديدة لإسعاد الملايين من الناس بلحظات تظل خالدة في ذكرياتهم.
ندرك أن تأثير الرياضة لا مثيل له في توحيد الناس من أنحاء العالم. وهذا أحد الأسباب التي سعينا من أجلها لتنظيم كأس العالم في قطر. نريدُ أن نبرز عشقنا لكرة القدم أمام العالم، وأن نمنح للناس فرصة لاستكشاف ثقافة جديدة، كما نأمل أن تسهم البطولة في تصحيح التصوّرات الخاطئة عن بلدنا ومنطقتنا.
بما يتميّز استاد المدينة التعليمية؟
يمتاز الاستاد بطابع جمالي فريد، ونُلقبه بــ "جوهرة الصحراء"، فواجهته الخارجية تزيّنها زخارف تشبه الماسات في أشكالها، ويتغير لونها تبعاً لزاوية انعكاس أشعة الشمس عليه، ومن هنا جاء لقب الاستاد.
أعتقد أن هذا الاستاد سيأسر قلوب مشجعي كرة القدم، فهو يمتاز بموقعه الفريد في محيطه، إذ يقع على يمين نادي الجولف بالمدينة التعليمية، ويزيّن أفق المنطقة، ولا شك أنه سيخلق أجواءً خاصة عندما تمتلئ مقاعده بالجماهير، وتمتزج أصوات تشجيعهم مع الشغفِ خلال مباريات المونديال.
إلى جانب ذلك فإن موقع الاستاد له دلالة مهمة. فهو يقع داخل المدينة التعليمية التي تضم العديد من المدارس والجامعات ومؤسسات البحث والتطوير وغيرها. والمدينة التعليمية تحتضن المقر الرئيسي لمؤسسة قطر التي تؤدي دوراً كبيراً في مساعدة بلدنا على تحقيق رؤيتها الوطنية، وتحديداً في بناء اقتصاد المعرفة في سبيل تقليل الاعتماد على النفط والغاز. ويمثل هذا الاستاد الفصل التالي من قصة المدينة التعليمية، حيث يوفر لها مرافق سيستفيد منها مجتمعها الكبير قبل بطولة قطر 2022 وبعدها.
تعد مؤسسة قطر أحد الشركاء الرئيسيين في هذا المشروع، حدثنا عن طبيعة هذا التعاون المشترك؟
أود هنا أن أعرب عن تقديري لمجهودات مؤسسة قطر منذ تأسيسها وتطويرها تحت قيادة صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر. فعلى مدار السنوات الماضية؛ كان لرؤية سموها، وتطوير مؤسسة قطر وأثرها في مجتمعنا وعلى المستوى العالمي، دور فاعل في تعزيز مكانة دولة قطر على صعيد التعليم عالمياً، وأصبحت المدينة التعليمية ذاتها منارة للتنمية في بلادنا، فهي تضم أفضل الجامعات العالمية التي تقدم خدماتها للمواطنين والمقيمين، وهي مقر للعديد من المؤسسات ومشروعات البحث والتطوير. والمدينة التعليمية، بقيادة سعادة الشيخة هند بنت حمد آل ثاني، صاحبة إرث نفخر به لإسهاماتها في تطوير الاقتصاد القائم على المعرفة، والذي سيعود بفائدة كبيرة على البلاد لعقود قادمة.
يتذكر كل من تابع رحلة ملف قطر لاستضافة مونديال 2022 العرض التقديمي النهائي، والذي تضمّن كلمة لصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، وجّهت خلالها تساؤلاً مباشراً للمصوّتين على اختيار البلد الفائز بشرف تنظيم البطولة قائلة: "متى يحين الوقت في نظركم لتستضيف منطقة الشرق الأوسط بطولة كأس العالم؟ لتجيب سموها: "أن الوقت قد حان الآن". لقد شكّلت كلمة صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر لحظة فارقة ومميزة في ملفنا لاستضافة البطولة. ومن الرائع حقاً أن نعلن بعد عشر سنوات من إلقاء هذه الكلمة عن جاهزية استاد يقع ضمن مؤسسة قطر التي أصبحت وجهة عالمية للتعليم تحت القيادة الكريمة لصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر.
تحظى مؤسسة قطر بتقدير كبير لدورها المحوري بوصفها شريكاً رئيسياً في مساعدتنا لتنظيم البطولة، وضمان أن يترك المونديال إرثاً يدوم لسنوات طويلة. فعقب انتهاء البطولة، ستنتقل حيازة استاد المدينة التعليمية إلى مؤسسة قطر ليستفيد منه الآلاف من أعضاء مجتمعها.
عملنا سوياً عن كثب طوال فترة المشروع، وسنواصل تعاوننا خلال الفترة التي تسبق البطولة وبعدها، فنحن فخورون بأن أحد استادات بطولة كأس العالم يقع في قلب المدينة التعليمية.
ما أهم جوانب الاستدامة في الاستاد، وما التغييرات التي ستطرأ عليه بعد انتهاء البطولة؟
يُعد استاد المدنية التعليمية أول استادات بطولة كأس العالم لكرة القدم FIFA ™ قطر 2022 الذي ينال شهادة المنظومة العالمية لتقييم الاستدامة "جي ساس" فئة الخمس نجوم والممنوحة من المنظمة الخليجية للبحث والتطوير "جورد" والمعتمد من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
ومن أهم المزايا التي أهَّلت الاستاد للحصول على هذا الاعتماد أن 85% من مواد البناء يعود منشأها لبلدان المنطقة، و 29% منها من مواد معاد تدويرها. علاوة على ذلك، يمكن تفكيك 35.5% من عناصر البناء وإعادة استخدامها، ومن بينها الطبقة العلوية من مقاعد الاستاد التي سيجري تفكيكها والتبرع بها بعد انتهاء البطولة إلى إحدى الدول التي تفتقر إلى البنية التحتية الرياضية. فخورون حقاً بهذا الأمر المبتكر، والذي سنشهد تكراره في عدد من استادات البطولة بما يضمن عدم تحوّل أي استاد إلى منشأة لا طائل من ورائها عقب البطولة، وتعظيم إرث البطولة لأبعد حد ممكن.
وبعد إسدال الستار على منافسات البطولة؛ سيصبح استاد المدينة التعليمية أحد المنشآت الرياضية التي سيستفيد منها مجتمع المدينة التعليمية من طلاب وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المتواجدة هناك. أضف إلى ذلك، ستتحول بعض أجزاء الاستاد إلى قاعات للمحاضرات والفعاليات تستفيد منها مدارس مؤسسة قطر وجامعاتها.
كيف أثرت أزمة فيروس كورونا المستجد على أعمال الإنشاء في مواقع مشاريع المونديال؟
فيما يتعلق بتنفيذ كافة البنى التحتية المتعلقة بمشاريع كأس العالم، فنحن نسير بوتيرة تسبق الموعد المحدد لها رغم ما نواجهه خلال جائحة فيروس كورونا المستجد. ولقد انتهينا بالفعل من 85% من الإنشاءات في مشاريعنا، ونخطو بخطوات ثابتة نحو تنفيذ كافة مشروعات المونديال قبل انطلاق منافساته بوقت كاف.
بالطبع استدعت الحاجة إلى التكيّف مع تطورات انتشار الوباء خلال الأشهر الأخيرة، وقمنا بتطبيق معايير صارمة للتباعد الاجتماعي في كافة مواقع العمل التابعة لنا، ومن بينها مواقع الإنشاءات ومقر اللجنة العليا للمشاريع والإرث بالدوحة. وقد اتخذنا العديد من الإجراءات لتقييم كافة مواقع الإنشاءات، وضمان إعفاء جميع الأفراد الأكثر عرضة لمخاطر الإصابة بالفيروس من التواجد في مواقع العمل، واستمرار صرف رواتبهم بصورة اعتيادية، إلى حين اتخاذ تدابير الصحة والسلامة للوقاية من فيروس كورونا المستجد. كما أن هناك عدد كبير من موظفينا يواصلون العمل من منازلهم منذ منتصف مارس الماضي، انطلاقاً من إيماننا بأن سلامة وصحة جميع العاملين ينبغي أن تأتي دائماً على رأس أولوياتنا.
كيف أثرت جائحة فيروس كورونا المستجد على اللجنة العليا بوجه عام، وهل استطاعت برامج الإرث مواصلة أنشطتها خلال الأشهر الأخيرة؟
فخور حقاً بقدرة طواقمنا على التكيّف مع الوضع الجديد خلال الأشهر الماضية، لقد كان الأمر بمثابة اختبار للجميع في قوة التعاون والتواصل المتميز، وأوجدنا حلولاً لمواصلة الاستعدادات لاستضافة نسخة استثنائية من المونديال.
كان خير برهان على ذلك برامج الإرث؛ فقد قام الجيل المبهر، المعني بأنشطة كرة القدم من أجل التنمية، بتنظيم جلسات نقاشية مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ساعدتنا على التواصل مع شريحة كبيرة من أفراد المجتمع وتشجيعهم على ممارسة تمارين لتعزيز الصحة واللياقة من المنزل. كما بادر معهد جسور بتقديم كافة برامجه للدبلوم المهني عن بعد، ما أتاح لمنتسبيه مواصلة رحلة التعلم من منازلهم.
عملنا كذلك عن كثب مع سفراء اللجنة العليا مثل تشافي هيرنانديز، وكافو، وصامويل إيتو، وتيم كاهيل، وتشاركوا مع الجماهير رسائل هامة حول أهمية التباعد الجسدي والمحافظة على النشاط الذهني والبدني خلال تلك الفترة الصعبة.
أمضينا الكثير من الوقت في دعم أصدقائنا في عالم الرياضة للتعاطي مع التحديات التي تواجههم خلال جهودهم لتنظيم أحداث رياضية كبرى، أو في سعيهم نحو استئناف نشاط دوريات كرة لقدم. كما نبذل قصارى جهدنا لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات وتبادل المعرفة حول البروتوكولات الجديدة الخاصة بالصحة والسلامة مع استئناف أنشطة كرة القدم والرياضة بوجه عام، في سبيل الاستعداد التام لاستضافة العالم في 2022.
واجهتنا بلا شك تحديات على مختلف المستويات منذ اليوم الأول لفوزنا بشرف استضافة المونديال، إلا أننا نجحنا في الارتقاء إلى مستوى الحدث، وتجاوزنا كل الصعوبات. ويظل الابتكار عنصراً أساسياً في كل ما نقوم به، سواء تعلّق ذلك بتقنيات التبريد، أو الاستادات القابلة للتفكيك، أو استزراع العشب الملائم لاستاداتنا وملاعب التدريب. وقد كان العمل الجاد والابتكار منهجنا خلال الأشهر الماضية، وسنواصل العمل بتلك الروح والالتزام ذاته في رحلتنا نحو استضافة بطولة 2022 وبعدها.