عندما أُسندت إليه مهمة إدارة مشروع بناء استاد الوكرة قبل نحو ٣٣ شهراً، أعرب المهندس القطري الشاب ثاني الزراع عن فخره بهذا الشرف، لكنه أدرك حينها عِظم المسؤولية الملقاة على كاهله.
انضم ثاني الزراع، مهندس الإنشاءات الذي تخرج من جامعة "جريفيث" الأسترالية، إلى فريق العمل باللجنة العليا للمشاريع والإرث عام ٢٠١٣، ليبدأ على الفور في إجراء دراسات جدوى للاستادات المقترحة لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم الأولى في العالم العربي.
وفي هذا السياق، قال الزراع: " كنا نتطلع في ذلك الوقت إلى تصاميم مستدامة تعكس هوية قطر وثقافتها. وقد وصلنا عدة تصاميم لاستاد الوكرة من المعمارية الراحلة زها حديد، ووقع اختيارنا على التصميم المستوحى من أشرعة القوارب التقليدية، لأنه الأكثر ملاءمة لماضي مدينة الوكرة الذي طالما ارتبط بالبحر".
وبعد اختيار تصميم الاستاد وكشف النقاب عنه أمام العالم، جرى تكليف الزراع بقيادة فريق عمل بناء الاستاد الذي يتسع لـ ٤٠ ألف مشجّع، ليصبح بعد اكتمال العمل به أول الاستادات المشيدة بالكامل لاستضافة منافسات بطولة قطر ٢٠٢٢.
وحول اختياره لمهمة إدارة المشروع أضاف الزراع: "عندما يُسند إليك مشروع بملايين الدولارات، فإنك تشعر حينها بعظم المهمة الموكلة إليك، لكن شعوري بالمسؤولية امتزج بالفخر والتطلع لأن أسهم في بناء إرث تفخر به قطر أمام العالم. وحرصتُ على بذل كل الجهد لإنجاز عملي على أكمل وجه، في ضوء متابعة وتوجيه فريق الإدارة العليا".
وخلال مرحلة تنفيذ المشروع، عمل الزراع دون كلل مع فريقه لبناء استاد فريد وأيقونة معمارية يشار لها بالبنان في مدينة الوكرة. وأشار الزراع إلى أن فريقه تواصل مع أفراد من مجتمع مدينة الوكرة، ووضع مخطط لتخصيص منطقة تحتوي على مضامير للجري ومسارات للدراجات، وسوق تجاري، بهدف ضمان استفادة سكان مدينة الوكرة منها بعد إسدال الستار على منافسات مونديال قطر ٢٠٢٢.
ومنذ أن تولى منصب مدير مشروع استاد الوكرة عام ٢٠١٥، أدرك المهندس ثاني الزراع أن إدارة المشاريع ليست بالأمر السهل، وأن العمل الجماعي يعتبر عنصراً حيوياً لنجاح إدارة أي مشروع. وفي هذا السياق، أعرب الزراع عن عظيم شكره لفريق العمل الذي بذل كل ما يستطيع بعزم ومثابرة، مشيراً إلى أن الوقت الذي أمضاه معهم شهد تحديات كثيرة استطاع فريق العمل التغلب عليها في مسيرته نحو تنفيذ هذا المشروع الفريد.
وما لبثت أن مرّت الشهور واكتمل العمل في الاستاد، وشهد المهندس ثاني الزراع في مارس ٢٠١٩ عملية مدّ الأرضية العشبية لاستاد الوكرة في زمن قياسي لم يتجاوز ٩ ساعات و ١٥ دقيقة. ومن المعلوم للمتخصصين في بناء الاستادات أن تجهيز أرضية الملعب يعني أن أعمال البناء في الاستاد قد شارفت على الاكتمال.
وحول شعوره خلال عملية مد أرضية الاستاد بالعشب، قال الزراع: "في يوم مدّ الأرضية العشبية، مشيت من المرمى للمرمى الآخر، أو لنقل مكان المرمى لأن عوارض المرمى لم يكن قد جرى تركيبها بعد، وتخيّلت أن مقاعد الاستاد مليئة بالمشجعين، وفريقان يتنافسان على الأرضية التي أقف عليها في حضور حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، وشعرت حينها بفخر عظيم لإسهامي في إنجاز هذا المشروع الضخم".
لا يدري الزراع ماذا سيفعل بعد مغادرة حشود المشجعين استاد الوكرة عقب نهائي كأس الأمير ٢٠١٩، ويحل الصمت جنبات الاستاد، لكن باعتباره من هواة المشاركة في سباقات الترياثلون، يرى الزراع أن ممارسة رياضة ركوب الدرجات في المضمار المحيط بهذا الاستاد الذي أسهم هو في إنجازه سيكون أمراً رائعاً، إلى أن يعود لمواصلة عمله من جديد. بالنسبة للزراع وكافة العاملين في استاد الوكرة، ستتواصل جهودهم إلى حين استضافة نسخة استثنائية من بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر عام ٢٠٢٢.